البوريك… معجن تركي يعبر عن أصالة المطبخ العثماني
البوريك… معجن تركي يعبر عن أصالة المطبخ العثماني
يُعدّ البوريك واحدًا من أشهر المعجنات في المطبخ التركي والعربي، وهو طبق يمتلك تاريخًا طويلًا يعود إلى العصر العثماني، حيث كان يُقدّم في القصور والاحتفالات الكبرى. يتميز البوريك بعجينته الرقيقة جدًا والتي تعرف باسم “يوفكا” أو “الفيلو”، وبحشواته المتنوعة التي تلائم جميع الأذواق، مما جعله ينتشر في مختلف الدول مع الحفاظ على نكهته الأصلية. اليوم، أصبح البوريك جزءًا من وجبات الإفطار والغداء والعشاء، كما يُباع في المطاعم والمخابز حول العالم، ليبقى واحدًا من أكثر المعجنات شهرة وشعبية.
أصل البوريك وتاريخه
يعود أصل البوريك إلى المطبخ التركي العثماني، حيث كان يُحضَّر في قصور السلاطين ويُعتبر طبقة أساسية في الولائم الرسمية. انتقلت وصفته لاحقًا إلى بلاد الشام والبلقان والأناضول، لتتطور وتكتسب لمسات محلية مختلفة. وفي كل منطقة، أُضيفت نكهات جديدة وحشوات تعتمد على المكوّنات المتوفرة، فأصبح هناك بوريك باللحم، وبوريك بالسبانخ، وبوريك بالجبنة، وغيرها من الإضافات التي جعلت هذه المعجنات أكثر ثراءً وتنوعًا.
وقد احتفظ البوريك بمكانته في المطبخ التركي حتى اليوم، فهو أحد أطباق الضيافة التقليدية، كما يُحضَّر في المناسبات العائلية، خاصة خلال شهر رمضان، حيث يُعدّ طبقًا شهيًا وسهل التقديم.
مكونات البوريك الأساسية
تتميز عجينة البوريك بخصائص تجعلها مختلفة عن معظم المعجنات الأخرى، فبينما تعتمد كثير من المعجنات على عجينة الخبز، يعتمد البوريك على رقائق رفيعة جدًا تُشبه الورق، ما يمنحه قرمشة خفيفة من الخارج وملمسًا طريًا من الداخل.
وأبرز مكونات البوريك هي:
عجينة اليُوفكا أو الفيلو: وهي رقيقة جدًا وتسمح بتعدد الطبقات.
الحشوات المختلفة: منها الجبنة البيضاء، السبانخ، اللحم المفروم، البطاطس المهروسة، أو خليط من أكثر من نوع.
الزبدة أو السمن: لدهن الطبقات وإعطاء القوام الهش واللون الذهبي.
البيض والحليب: يستخدمان لتثبيت الطبقات ومنح وجه البوريك لمعانًا وشكلًا شهيًا.
وتختلف طريقة التحضير من منطقة لأخرى، إلا أن الأساس هو الطهي البطيء الذي يساعد على دمج الطبقات وحصولها على النكهة المثالية.
أنواع البوريك الشهيرة
للـبوريك أشكال عديدة تختلف حسب طريقة اللف أو الحشو أو التقديم، ومن أشهر أنواعه:
١. البوريك اللولبي (Su Böreği)
يُعتبر من أكثر الأنواع شهرة في تركيا، ويتميز بشكله الدائري الذي يشبه الحلزون. يُحشى غالبًا بالجبنة أو السبانخ، ويخبز حتى يصبح ذهبي اللون.
٢. بوريك المحلات (Tepsi Böreği)
يُحضَّر في صينية كبيرة، حيث تُصفّ العجينة طبقة فوق طبقة مع وضع الحشوة في المنتصف، ثم يُقطع بعد الخبز إلى مربعات متساوية. هذا النوع هو الأكثر انتشارًا في البيوت.
٣. البوريك المقلي
قطعه صغيرة الحجم تُلف بشكل أصابع وتُقلى في الزيت، ليصبح مقرمشًا للغاية. وهو مثالي للوجبات السريعة والضيافة.
٤. بوريك اللحم
يمتزج اللحم المفروم مع البصل والتوابل ليشكّلا حشوة غنية، وهو خيار شهي وغني بالبروتين.
٥. البوريك بالجبنة
أشهر الأنواع، يُحضّر باستخدام الجبنة البيضاء المالحة مع البقدونس، وهو مفضل في وجبات الإفطار.
القيمة الغذائية للبوريك
يمثل البوريك وجبة متكاملة عند حشوه باللحم أو السبانخ أو الجبنة، فهو يمنح الجسم قدرًا جيدًا من الطاقة، نظرًا لاحتوائه على الكربوهيدرات والبروتينات والدهون الصحية. ومع ذلك، يجب تناوله باعتدال لأن استخدام الزبدة والسمن بكثرة يزيد من سعراته الحرارية.
يمكن أيضًا إعداد البوريك بطرق صحية، مثل استخدام زيت الزيتون بدلًا من الزبدة، أو استبدال العجينة الجاهزة بعجينة منزلية خفيفة، أو استخدام حشوات قليلة الدسم.
البوريك في الثقافة والمائدة اليومية

لا يقتصر البوريك على كونه مجرد معجن، بل هو جزء من الثقافة التركية والعربية. يُقدَّم في وجبة الإفطار مع الشاي التركي، وفي العزائم، وعلى موائد رمضان، كما يعتبر وجبة مثالية للرحلات والنزهات. وفي بعض المناطق، يُعتبر تحضير البوريك تقليدًا عائليًا تشارك فيه السيدات، مما يجعله رمزًا للعلاقات العائلية والتعاون داخل المطبخ.