المشبّك: حلوى الشرق المقرمشة التي تجمع بين الفن والطعم

المشبّك: حلوى الشرق المقرمشة التي تجمع بين الفن والطعم

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

المشبّك: حلوى الشرق المقرمشة التي تجمع بين الفن والطعم

يُعد المشبّك من أقدم وأشهر أنواع الحلويات الشرقية التي تجمع بين البساطة في المكونات والدقة في الشكل والمذاق. يتميز هذا الحلوى بلونها الذهبي اللامع وشكلها الدائري المتشابك الذي يُشبه الزخارف الشرقية، مما يجعلها تحفة فنية قبل أن تكون مجرد طعام. تنتشر في مصر وبلاد الشام والهند واليونان، ولكل منطقة طريقتها في التحضير ولمستها الخاصة التي تميزها.


أصل المشبّك وتاريخه

تعود جذور المشبّك إلى العصور القديمة، حيث كان يُحضَّر في المناسبات والاحتفالات الكبرى كرمز للفرح والبهجة. ويُقال إن أول من صنعه هم الطهاة في مدينة الإسكندرية في مصر خلال العهد المملوكي، إذ ابتكروه لإبهار الضيوف بشكله الغريب والمميز. ومع مرور الزمن، انتشر المشبّك في بلاد الشام والهند وتركيا، فبات لكل بلد طريقته الخاصة في صنعه وتسميته. ففي الهند يُعرف باسم "جليبي"، وفي اليونان يسمى "زلابيا"، بينما في سوريا ولبنان يُعرف بالاسم نفسه تقريباً: "المشبّك".


مكونات المشبّك الأساسية

على الرغم من أن المشبّك يبدو معقد الشكل، إلا أن مكوناته بسيطة ومتوفرة في كل بيت.
المكونات الأساسية تشمل:

دقيق القمح الأبيض.

نشا الذرة.

القليل من الخميرة أو البيكنج بودر.

السكر والفانيليا.

الماء أو اللبن الفاتر للعجن.

زيت نباتي للقلي.

القطر (الشربات): وهو مزيج من السكر والماء مع عصير الليمون وماء الزهر لإضافة النكهة الشرقية الأصيلة.


طريقة إعداد المشبّك

تُعد طريقة تحضير المشبّك سهلة نسبيًا لكنها تحتاج إلى دقة وصبر حتى يتميز بالقوام المقرمش من الخارج والطري من الداخل.
خطوات التحضير:

يُخلط الدقيق مع النشا والخميرة والفانيليا جيداً.

يُضاف الماء تدريجياً حتى تتكون عجينة سائلة تشبه عجينة البان كيك.

تُترك العجينة لتتخمر قليلاً حتى تظهر فقاعات على السطح.

يُسخن الزيت في مقلاة عميقة، ثم يُسكب العجين على شكل دوائر متشابكة باستخدام قمع خاص أو كيس الحلويات.

يُقلّى المشبّك حتى يكتسب اللون الذهبي المائل إلى البرتقالي.

يُغمر مباشرة في القطر البارد ليكتسب اللمعان والمذاق الحلو المميز.


أنواع المشبّك في العالم العربي

رغم أن المكونات متشابهة في أغلب الدول، إلا أن هناك اختلافات طفيفة في الطعم والطريقة تميز كل بلد عن الآخر:

المشبّك المصري:
يُحضَّر بخليط من الدقيق والنشا، ويُغمر في قطر ثقيل القوام بعد القلي، ويتميز بلونه البرتقالي اللامع الذي يُكتسب بإضافة لون غذائي طبيعي.

المشبّك السوري:
يُصنع بطريقة مشابهة لكنه أخف في القطر وأقل حلاوة، وغالباً ما يُضاف إليه القليل من ماء الورد ليمنحه رائحة عطرية جميلة.

المشبّك اللبناني:
يُقدَّم في الأعياد والمناسبات، ويُزيَّن أحياناً بالفستق المطحون أو جوز الهند.

المشبّك الهندي (الجليبي):
يتميز بحجمه الأكبر ونكهته الغنية، وغالباً يُستخدم فيه الزعفران أو الهيل ليمنحه لوناً مميزاً وطعماً عطرياً فريداً.


رمزية المشبّك في الثقافة الشعبية

في كثير من البلدان العربية، يُعتبر المشبّك رمزاً للفرح والاحتفال، فهو يُقدَّم عادة في الأعياد والمناسبات الوطنية والدينية. كما يُعدّ من الحلويات الشعبية التي تباع في الأسواق القديمة والموالد، حيث يجذب لونه اللامع الأطفال والكبار على السواء. ويمثل في الذاكرة الشعبية طعماً من الطفولة وذكريات الزمن الجميل، عندما كانت رائحته الزكية تعبق في الشوارع خلال الأعياد.


القيمة الغذائية للمشبّك

المشبّك غني بالكربوهيدرات والسكريات، مما يجعله مصدراً سريعاً للطاقة. ومع ذلك، فهو من الحلويات التي يُفضل تناولها باعتدال، خاصةً أنه يُقلى بالزيت ويُغطى بالقطر. لكن يمكن تهيئته بطرق أخفّ عبر خبزه في الفرن أو تقليل كمية القطر، ليصبح خياراً مناسباً لمحبي الحلويات دون إفراط.


تطور المشبّك في العصر الحديث

كما هو الحال مع كثير من الحلويات الشرقية، لم يسلم المشبّك من اللمسات العصرية. فقد ظهرت أنواع مبتكرة مثل المشبّك بالشوكولاتة، والمشبّك بالكراميل، والمشبّك بالفواكه المجففة. كما دخلت الآلات الحديثة في صناعته لتنتج أشكالاً متناسقة وجميلة، مما جعله يُقدَّم اليوم في المطاعم والمقاهي الفاخرة بجانب القهوة أو الشاي كتحلية راقية بطابع شرقي.


المشبّك بين الأصالة والتطور

رغم مرور الزمن، ما زال المشبّك يحتفظ بمكانته في قلوب الناس، فهو يجسد فن الطهي الشرقي التقليدي الذي يعتمد على الذوق والبساطة. وعندما يُقدَّم في المناسبات، فإنه لا يُقدَّم كطعام فحسب، بل كتعبير عن الفرح والكرم، واحتفاء بالحياة والتقاليد الجميلة.


image about المشبّك: حلوى الشرق المقرمشة التي تجمع بين الفن والطعم

يبقى المشبّك حلوى لا يمكن مقاومتها، بجمال شكلها الملتف ومذاقها المقرمش الذي يذوب في الفم. إنها قصة من التراث العربي والذوق الأصيل، حكاية تمتزج فيها الأصالة بالتفنن، ويمتد عبقها من الأسواق القديمة إلى مطابخ اليوم الحديثة. وفي كل قطعة من المشبّك، نكهة من الماضي وابتسامة من الحاضر، تذكّرنا أن الحلويات ليست مجرد طعام… بل متعة تجمع القلوب على الفرح والحب.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

91

متابعهم

13

متابعهم

21

مقالات مشابة
-