🍯 المقال: البقلاوة… حلوى الملوك وسيدة المذاق الشرقي

🍯 المقال: البقلاوة… حلوى الملوك وسيدة المذاق الشرقي

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

 البقلاوة… حلوى الملوك وسيدة المذاق الشرقي

تُعد البقلاوة واحدة من أقدم وأشهر الحلويات الشرقية التي انتقلت من قصور الملوك والسلاطين إلى موائد الناس في كل أنحاء العالم. إنها تلك الحلوى الذهبية التي تجمع بين طبقات العجين الرقيقة والمكسرات المقرمشة والقطر العطري، لتصنع مزيجاً من النكهة والرقة لا يُقاوم.
تُقدَّم البقلاوة في المناسبات والأعياد، وتُعتبر رمزاً للكرم والاحتفال في كثير من الثقافات العربية والشرقية. وبرغم اختلاف طرق إعدادها من بلد إلى آخر، إلا أن جوهرها يظل واحداً: بساطة المكونات وروعة الطعم.


أصل البقلاوة وتاريخها

تعود جذور البقلاوة إلى عصورٍ قديمة جداً، ويُعتقد أنها نشأت في بلاد الرافدين (العراق حالياً) ثم انتقلت إلى الأناضول وبلاد الشام خلال العهد العثماني.

وقد اشتهرت إسطنبول بأنها العاصمة الأولى للبقلاوة، حيث كانت تُقدَّم في قصور السلاطين العثمانيين كحلوى ملكية لا تُقدَّم إلا في المناسبات الكبرى مثل شهر رمضان والأعياد. حتى أن السلطان كان يرسل “صواني البقلاوة” إلى الجنود في احتفالية تُعرف باسم “موكب البقلاوة” تعبيراً عن التقدير والكرم.

ومن هناك انتشرت البقلاوة إلى مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والبلقان، حتى أصبحت اليوم من أشهر الحلويات العالمية التي تمثل المطبخ الشرقي بأناقته وتاريخه العريق.


مكونات البقلاوة وطريقة إعدادها

تتكوّن البقلاوة من مكونات بسيطة ولكنها تتطلب مهارة عالية ودقة في التحضير للحصول على القوام الهش والنكهة المتوازنة.
المكونات الأساسية تشمل:

عجين الفيلو (الكلاج): وهو عجين رقيق جداً يُفرد على شكل طبقات متعددة.

السمن البلدي أو الزبدة: لدهن الطبقات وإعطائها الملمس المقرمش.

المكسرات المفرومة: مثل الفستق الحلبي أو الجوز أو اللوز، وتُمزج مع القليل من السكر والقرفة.

القطر (الشربات): يُحضّر من السكر والماء وعصير الليمون مع إضافة ماء الورد أو الزهر لإضفاء النكهة الشرقية.

يُرتب العجين في صينية الخَبز على شكل طبقات، وتوضع المكسرات بين كل طبقتين، ثم يُقطع العجين إلى مربعات أو مثلثات قبل الخَبز. بعد إخراجها من الفرن، يُسكب القطر الساخن فوقها لتتشرب الحلوى النكهة وتكتسب بريقها الذهبي الشهي.


أنواع البقلاوة في الوطن العربي والعالم

تختلف أشكال البقلاوة باختلاف الدول، لكن جميعها يحتفظ بروحه الشرقية الأصيلة. ومن أبرز أنواعها:

البقلاوة التركية:
تُحضَّر عادةً من طبقات كثيرة جداً من العجين تُدهن بالسمن وتُحشى بالفستق الحلبي أو الجوز. وتُعتبر "بقلاوة غازي عنتاب" في تركيا الأشهر عالمياً لجودة مكوناتها ودقة تحضيرها.

البقلاوة الشامية:
في سوريا ولبنان وفلسطين، تُقطع البقلاوة إلى أشكال زخرفية صغيرة وتُحشى بالمكسرات وتُزين بالفستق المطحون، وتُعتبر رمزاً للضيافة الراقية.

البقلاوة المصرية:
تُحضَّر عادةً بطبقات أقل من العجين وتُحشى بالمكسرات المفرومة وتُغطّى بطبقة من العسل بدلاً من القطر، مما يمنحها نكهة مختلفة وغنية.

البقلاوة اليونانية:
رغم جذورها الشرقية، تبناها المطبخ اليوناني وأضاف إليها لمسة من العسل والقرفة، فأصبحت من أشهر الحلويات في اليونان أيضاً.

بقلاوة الفستق أو اللوز أو الكاجو:
ظهرت أنواع حديثة من البقلاوة تعتمد على مزج أنواع مختلفة من المكسرات أو حتى إدخال الشوكولاتة والفواكه المجففة، في مزيج يجمع بين الأصالة والتجديد.


القيمة الغذائية والفوائد

رغم أن البقلاوة تُعتبر من الحلويات الغنية بالسعرات الحرارية، فإنها تحتوي على مكونات ذات فائدة غذائية كبيرة.

المكسرات مصدر ممتاز للبروتين والدهون الصحية والمعادن مثل الحديد والمغنيسيوم.

السمن الطبيعي يحتوي على فيتامينات A وE.

العسل أو القطر يمنح طاقة فورية للجسم.

لكن يُنصح بتناولها باعتدال، خاصة في المناسبات، لأن الإفراط فيها قد يؤدي إلى زيادة في السعرات والسكر. ومع ذلك، تظل البقلاوة خياراً محبوباً لكل من يرغب في حلوى شرقية فاخرة ومشبعة.


رمزية البقلاوة في الثقافة الشرقية

في المجتمعات العربية والشرقية، تُعتبر البقلاوة رمزاً للفرح والاحتفال. فهي تُقدَّم في الأعياد، وحفلات الزواج، والولائم الكبرى، وغالباً ما تُوزَّع على الجيران والأقارب كنوع من المشاركة الاجتماعية.

كما يُقال إن البقلاوة هي حلوى المناسبات السعيدة، إذ تعبّر عن الكرم والبهجة. وحتى في المناسبات الدينية كشهر رمضان، تتزين الموائد بها بعد الإفطار، لتضيف لمسة من الحلاوة التي تُكمل أجواء الروحانية واللمّة العائلية.

وفي بعض الثقافات، تُعد البقلاوة هدية راقية تُقدَّم في صناديق فاخرة، كدليل على التقدير والمحبة. فهي لا ترمز فقط إلى الطعم اللذيذ، بل إلى الدفء الإنساني والاحتفاء بالحياة.


انتشار البقلاوة عالمياً

اليوم، تجاوزت البقلاوة حدود الشرق لتصل إلى مختلف أنحاء العالم، وأصبحت تُباع في أشهر المحلات الأوروبية والأميركية. وقد حافظت على مكانتها كحلوى فاخرة تُقدَّم في المناسبات الراقية.

حتى أن بعض الدول مثل تركيا واليونان تتنافسان على اعتبارها حلوى وطنية، ما يدل على قيمة البقلاوة التاريخية والثقافية التي تجاوزت الحدود لتصبح رمزاً من رموز المطبخ الشرقي العالمي.


image about 🍯 المقال: البقلاوة… حلوى الملوك وسيدة المذاق الشرقي

إن البقلاوة ليست مجرد حلوى من طبقات العجين والسكر، بل هي قطعة من التاريخ الشرقي تعبق بعطور الماضي ونكهة الفخامة. تجمع بين التراث والذوق، وبين الأصالة والاحتفال بالحياة.
ومهما تطورت الحلويات الحديثة وتنوّعت أذواقها، تبقى البقلاوة سيدة الحلويات الشرقية بلا منازع، بطعمها الغني الذي يروي حكاية حضارةٍ ما زالت حية في كل لقمة.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
maryam Mohamed تقييم 5 من 5.
المقالات

101

متابعهم

15

متابعهم

24

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.