🍮 المقال: الكنافة… حلوى الشرق الذهبية

🍮 المقال: الكنافة… حلوى الشرق الذهبية

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

الكنافة… حلوى الشرق الذهبية

تُعد الكنافة واحدة من أشهر وأعرق الحلويات الشرقية التي ارتبطت في الذاكرة العربية برائحة السمن والمكسرات وصوت شلال القطر الساخن وهي تُسكب عليها. ليست الكنافة مجرد حلوى تُقدَّم بعد وجبة طعام، بل هي رمز للفرح والاحتفال والكرم الشرقي، إذ ترافق المناسبات الدينية والاجتماعية في معظم دول العالم العربي، خاصة في شهر رمضان المبارك.

وتُعتبر الكنافة اليوم من أكثر الحلويات انتشاراً في الشرق الأوسط، حتى أصبحت سفيرةً للمذاق العربي في كل العالم، تجمع بين الطابع التراثي الأصيل والابتكار الحديث في طرق التقديم والنكهات.


نشأة الكنافة وتاريخها

تختلف الروايات حول أصل الكنافة، لكن معظم المصادر التاريخية تشير إلى أنها نشأت في بلاد الشام، وتحديداً في مدينتي نابلس ودمشق خلال العصور الإسلامية الأولى.

ويُقال إن الكنافة كانت تُعد خصيصاً للخلفاء والأمراء في شهر رمضان لتمنحهم طاقة كافية خلال الصيام. ومن هنا اكتسبت شهرتها كحلوى رمضانية بامتياز، تُقدَّم بعد الإفطار مباشرةً مع كوب من القهوة أو الشاي العربي.

أما مدينة نابلس الفلسطينية، فهي تُعد اليوم موطن الكنافة الأصلي في صورتها المعروفة عالمياً باسم الكنافة النابلسية، التي تعتمد على الجبن الأبيض البلدي والماء الزهري، وتتميز بلونها البرتقالي الذهبي الذي يغري العين قبل اللسان.

ومع مرور الزمن، انتشرت الكنافة في كل أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لتصبح جزءاً من الموروث الشعبي في مصر ولبنان وسوريا والأردن وتركيا، بل ووصلت أيضاً إلى المطاعم الأوروبية والعالمية التي تقدّمها بنكهات جديدة ومبتكرة.


مكونات الكنافة الأساسية

تتكوّن الكنافة من مكونات بسيطة لكنها تحتاج إلى دقة في التحضير للحصول على المذاق المثالي. وأهم هذه المكونات:

عجينة الكنافة: وهي عبارة عن خيوط رفيعة من الدقيق والماء تُطهى على صاج ساخن حتى تجف.

السمن البلدي أو الزبدة: لإعطاء الكنافة طعمها الغني وقوامها المقرمش.

الجبن الأبيض الحلو (العكاوي أو النابلسي): يُستخدم في الحشوة بعد نقعه لإزالة الملوحة.

القطر (الشربات): يُحضّر من السكر والماء وعصير الليمون مع القليل من ماء الورد أو الزهر.

المكسرات: مثل الفستق الحلبي أو اللوز، تُستخدم للتزيين وإضافة نكهة فاخرة.

وتُحضّر الكنافة بوضع طبقة من العجينة الممزوجة بالسمن في قاع الصينية، ثم تُضاف طبقة الجبن أو القشطة، وتُغطّى بطبقة أخرى من العجينة، وبعد الخَبز تُسكب فوقها القطر الساخن وتُزيّن بالمكسرات المطحونة.


أنواع الكنافة في الوطن العربي

تعددت أنواع الكنافة باختلاف المناطق والأذواق، لكنها جميعاً تحتفظ بجوهرها الشرقي الأصيل. ومن أبرز أنواعها:

الكنافة النابلسية:
أشهر أنواع الكنافة في العالم العربي، تُحضّر من الجبن النابلسي وتُلوَّن بالصبغة البرتقالية. تُقدَّم ساخنة وغنية بالقطر، وتتميز بمذاقها المالح والحلو المتوازن.

الكنافة الخشنة:
تُحضّر من خيوط الكنافة الطويلة والمفتوحة، وتُخبز حتى تصبح مقرمشة من الخارج وطرية من الداخل.

الكنافة الناعمة:
يُطحن عجينها حتى يصبح ناعماً قبل الطهي، لتُعطي ملمساً أكثر ليونة وتُقدَّم عادةً بالقشطة أو الجبن.

كنافة بالقشطة:
نوع مصري شهير، تُحشى بالقشطة الطازجة بدلاً من الجبن، وتُزيّن بالمكسرات والفستق.

الكنافة المبرومة:
تُلف عجينة الكنافة على شكل أسطوانات محشوة بالمكسرات، وتُخبز حتى تكتسب لوناً ذهبياً، ثم تُغمر بالقطر.

الكنافة الحديثة:
ظهرت في السنوات الأخيرة أنواع مبتكرة مثل كنافة النوتيلا، واللوتس، والفواكه، وهي تجارب تمزج التراث بالحلوى الغربية.


القيمة الغذائية والفوائد

على الرغم من أن الكنافة تُعتبر من الحلويات الغنية بالسعرات الحرارية، إلا أنها تحتوي على مكونات ذات قيمة غذائية. فالجبن مصدر للبروتين والكالسيوم، والمكسرات غنية بالدهون الصحية والمعادن، والسمن الطبيعي يحتوي على الفيتامينات الذائبة في الدهون.

لكن يُنصح دائماً بتناولها باعتدال، خاصة لمرضى السكري أو الذين يتبعون نظاماً غذائياً صارماً، لأن القطر يحتوي على نسبة عالية من السكر.

ومع ذلك، تبقى الكنافة وجبة مثالية في المناسبات والأعياد، حيث تُقدَّم كتحلية تملأ الجو دفئاً وبهجة.


رمزية الكنافة في الثقافة الشرقية

في الثقافة العربية، لا يُمكن تخيّل شهر رمضان أو الأعياد دون صواني الكنافة التي تتوسط الموائد. فهي رمز الفرح واللمة، إذ يجتمع أفراد العائلة لتحضيرها أو شرائها من محال الحلويات المشهورة.

حتى في الذاكرة الشعبية، ارتبطت الكنافة بالاحتفالات؛ فصوت البائع وهو ينادي "كنافة ساخنة!" في أزقة الشام أو القاهرة يُثير الحنين والذكريات الجميلة. وهي دليل على الكرم والاحتفاء بالضيوف، حيث تُقدَّم دائماً في المناسبات السعيدة مثل حفلات الزواج واستقبال شهر رمضان.


انتشار الكنافة عالمياً

لم تبقَ الكنافة حبيسة المشرق العربي، بل أصبحت حلوى عالمية تُقدَّم في أشهر المطاعم حول العالم. فقد انتشرت في أوروبا وأميركا، وأدخلها الطهاة العالميون إلى قوائم الحلويات الفاخرة، مع تعديلات طفيفة في الحشوة أو طريقة التقديم.

ورغم كل التحديثات، إلا أن نكهة الكنافة الأصلية تظل محببة، لأنها ليست مجرد طعام بل تراثٌ يجسد جمال المطبخ العربي وتاريخه الطويل.


image about 🍮 المقال: الكنافة… حلوى الشرق الذهبية

إن الكنافة ليست مجرد حلوى، بل حكاية من عبق الشرق، تنسج خيوطها بين العجين والسمن والقطر لتصنع لحظة سعادة على كل مائدة. هي قطعة من الذاكرة، تجمع بين الأصالة والابتكار، وبين الماضي والحاضر، وتُذكّرنا بأن الطعم الحقيقي لا يُنسى مهما مرّت السنوات.

ولذلك، ستبقى الكنافة ملكة الحلويات الشرقية بلا منازع، حلوى تجمع الناس وتروي قصص المدن العربية برائحة الزهر والفستق والفرح.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
maryam Mohamed تقييم 5 من 5.
المقالات

101

متابعهم

15

متابعهم

24

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.