تقاليد الكسكس المغربي يوم الجمعة: طقس عائلي ومذاق أصيل

يوم الجمعة يعد من أعظم أيام الأسبوع لدى المغاربة، فهو يوم له طابع خاص من الناحية الدينية والاجتماعية على السواء. من أشهر العادات والتقاليد التي ما زال المجتمع المغربي يحافظ عليها إلى اليوم، عادة تحضير وتناول طبق الكسكس الجماعي في هذا اليوم المبارك بعد أداء صلاة الجمعة. يجسد الكسكس يوم الجمعة معنى الترابط العائلي، الكرم، وكذا ارتباط المغاربة العميق بالتقاليد والأصول.

منذ ساعات الصباح الأولى، تبدأ أجواء خاصة في أرجاء البيت المغربي؛ تتكفل النساء بتحضير الكسكس بطريقة يدوية أصيلة، بدلك السميد في الصحون الكبيرة وإعداده على البخار فوق القدر التقليدي "الكسكاس". وفي كل منطقة بالمغرب تجد لمسة خاصة في طريقة التحضير والإضافات: ففي بعض المناطق يتم الاعتماد على اللحم البقري أو الغنمي، وفي أماكن أخرى يفضلون الدجاج أو حتى السمك أحياناً، وتتنوع الخضروات بين الجزر، القرع، اللفت، الكرعة، الفول وغيرها حسب ما هو متوافر في الموسم.

التقاليد المغربية لا تقف فقط عند تحضير الطبق، بل تشمل أجواء تجمع الأسرة حول الطاولة بعد عودة الجميع من صلاة الجمعة. الكل — صغاراً وكباراً — يلتفون حول صحن الكسكس الكبير الذي يسمى (القصرية او الݣصعة بالدارجة المغربية)، وغالباً ما يؤكل باليد كرمز لتقاسم البركة والمحبة، وتتحول هذه اللحظة إلى فرصة لتجديد الروابط العائلية وتعزيز صلة الرحم.

ولإضفاء مزيد من التنوع والمذاق الفريد، غالباً ما يقدم الكسكس يوم الجمعة مع *اللبن* (الحليب الرائب)، حيث يعتبر مكملاً مثالياً لهذه الوجبة. اللبن يُبرّد الفم ويروّق الجو ويوازن ثقل الكسكس والخضر واللحم، مما يجعل تناول الكسكس مع اللبن طقساً مغربياً أصيلاً لا تكتمل الجمعة بدونه في البيوت المغربية.

وتزداد الأجواء روحانية عندما يتم تقاسم جزء من الكسكس مع الجيران أو الفقراء، فيبادر الكثيرون بإرسال صحون الكسكس خارج بيوتهم، ما يعكس روح التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع المغربي، ويكرّس قيم الجود والكرم المتجذرة في الثقافة المغربية.

والكسكس يوم الجمعة ليس فقط وجبة، بل هو احتفال صغير بالهوية المغربية، وتكريم للعلاقات الإنسانية وأصالة التقاليد، وجزء لا يتجزأ من ذاكرة كل مغربي أينما كان. 🍚🥛