الهريس الإماراتي.. طبق التراث والمذاق الأصيل في المطبخ الإماراتي

الهريس الإماراتي.. طبق التراث والمذاق الأصيل في المطبخ الإماراتي

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

الهريس الإماراتي..

تُعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الغنية بتراثها الثقافي والاجتماعي المتنوع، الذي ينعكس بوضوح في مطبخها الشعبي المميز. فالمائدة الإماراتية تجمع بين النكهات العربية الأصيلة والتأثيرات الآسيوية والبحرية، لتُقدّم أطباقًا تعبّر عن تاريخ طويل من الكرم والضيافة. ومن بين هذه الأطباق يبرز "الهريس الإماراتي" كأحد أقدم وأشهر الأكلات التقليدية التي تمثل الطبق الرئيسي في المناسبات والأعياد داخل الدولة.

أصل الطبق وتاريخه

يرتبط الهريس ارتباطًا وثيقًا بتاريخ الجزيرة العربية وحياة البدو في الصحراء. فقد كان يُعدّ من الأطعمة الأساسية التي تمدّ الجسم بالطاقة في الظروف القاسية. ومع مرور الزمن، أصبح الهريس جزءًا من الهوية الإماراتية، حيث يُحضَّر في شهر رمضان المبارك، وفي الأعياد الوطنية، والمناسبات العائلية الكبيرة.

كما يعدّ الهريس من الأطباق التي تجمع الناس حولها في الولائم والمجالس التقليدية، ما جعله رمزًا للتآلف الاجتماعي والكرم العربي الأصيل الذي يُعرف به الشعب الإماراتي.

مكونات الهريس الإماراتي

تتميز مكونات الهريس ببساطتها، فهي تعتمد على عناصر طبيعية متوفرة في البيوت الإماراتية قديماً وحديثاً، وهي: القمح المجروش (الهريس)، اللحم أو الدجاج، الماء، والقليل من الملح. وعلى الرغم من بساطة المكونات، فإن طريقة التحضير الطويلة والعناية في الطهو هي التي تمنحه طعمه الفريد وقيمته الغذائية العالية.

يُطهى الهريس عادة في قدر كبير يُعرف باسم القدر الإماراتي التقليدي، ويُترك لساعات طويلة على نار هادئة حتى تمتزج المكونات وتتحول إلى خليط كريمي غني بالنكهات.

طريقة التحضير التقليدية

تبدأ عملية إعداد الهريس الإماراتي بنقع القمح المجروش في الماء لساعات، ثم يُضاف إليه اللحم أو الدجاج ويُطهى ببطء حتى يذوب اللحم داخل القمح. تُقلب المكونات باستمرار حتى تتجانس وتصبح ذات قوام سميك ناعم يشبه العصيدة.

وفي المرحلة الأخيرة، يُقدَّم الهريس في طبق كبير ويُسكب فوقه السمن البلدي أو الزبدة الذائبة لإضفاء النكهة الغنية المميزة. وغالبًا ما يُزيَّن الهريس بالقرفة أو الهيل المطحون قبل التقديم، مما يمنحه رائحة زكية تفتح الشهية.

رمزية الهريس في المجتمع الإماراتي

يُعتبر الهريس أكثر من مجرد وجبة غذائية؛ فهو رمز للمحبة والكرم والتواصل الاجتماعي. ففي الماضي، كان تحضير الهريس يتم بشكل جماعي، حيث يجتمع أهل الحي أو القرية لمساعدة بعضهم في الطهو والتوزيع. وبعد الانتهاء، يتم تقديمه للجيران والأصدقاء كنوع من التآلف والمشاركة.

حتى اليوم، ما زالت هذه العادات قائمة، إذ يُقدَّم الهريس في شهر رمضان وفي الأعياد كجزء من العطاء الخيري، حيث يوزع على الفقراء والمحتاجين، مما يجعله طبقًا يحمل قيمًا إنسانية ودينية نبيلة.

القيمة الغذائية للهريس

يُعدّ الهريس من الأطباق الغنية بالبروتينات والكربوهيدرات، إذ يحتوي على القمح الكامل واللحم، مما يجعله وجبة مشبعة ومغذية. كما أن طريقة طهيه البطيئة تحافظ على العناصر الغذائية وتجعله سهل الهضم، وهو ما يجعله مناسبًا لجميع الأعمار.

ويُعتبر الهريس خيارًا صحيًا نسبيًا مقارنة بالأكلات الدسمة، خاصة إذا تم استخدام السمن الطبيعي أو الزبدة بكميات معتدلة.

الهريس في المناسبات الإماراتية

لا تخلو أي مناسبة إماراتية من وجود الهريس على المائدة، سواء في شهر رمضان أو العيد الوطني أو الأعراس. وتُقدَّم إلى جانبه أطباق أخرى مثل المجبوس والثريد، إلا أن الهريس يبقى هو الطبق الأصيل الذي يجمع بين الماضي والحاضر.

وفي الوقت الحالي، يُحضَّر الهريس أيضًا في المناسبات الرسمية كرمز للهوية الإماراتية، ويُقدَّم للزوار الأجانب لتعريفهم بالمطبخ المحلي وثقافة الضيافة في الدولة.

image about الهريس الإماراتي.. طبق التراث والمذاق الأصيل في المطبخ الإماراتي

إن الهريس الإماراتي ليس مجرد طعام، بل هو تراث شعبي متجذّر يروي قصة الإنسان الإماراتي عبر الزمن. فهو يجسد قيم الكرم والصبر والتعاون التي تميّز المجتمع الإماراتي، ويعبّر عن روح الأصالة التي ما زالت حاضرة رغم مظاهر الحداثة.

ومن يتذوق الهريس يدرك أنه يتذوق تاريخًا من العطاء والتقاليد العريقة، فكل ملعقة تحمل نكهة الأرض والإنسان والتراث الإماراتي الأصيل.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

60

متابعهم

11

متابعهم

14

مقالات مشابة
-