
الحلويات السورية: عبق التاريخ في مذاق لا يُنسى
تاريخ عريق ومذاق أصيل
ترتبط الحلويات السورية ارتباطًا وثيقًا بالحضارات التي تعاقبت على أرض الشام، من الرومان والبيزنطيين، وصولًا إلى العثمانيين، مما جعلها مزيجًا غنيًا من الثقافات. المدن السورية مثل دمشق، حلب، وحمص تُعرف بأنها منبع لأشهر أنواع الحلويات، ولكل مدينة لمستها الخاصة ونكهتها المميزة.
أشهر أنواع الحلويات السورية
الكنافة: تُحضَّر من عجينة الكنافة الرفيعة أو الخشنة، تُحشى بالقشطة أو الجبن، وتُحمَّر حتى تصبح ذهبية اللون، ثم تُغمر بالقطر (الشيرة). تُعد من أكثر الحلويات شعبية في شهر رمضان.
المشبّك: يتم قليه في الزيت حتى يتحول إلى شكل دائري متشابك ومقرمش، ويُغمس بعدها في القطر. مذاقه حلو وقوامه هش.
المعمول: يُعدّ من رموز الأعياد السورية، يُحشى بالتمر أو الجوز أو الفستق الحلبي، ويُزيَّن بنقوش تراثية. لا تخلو منه مائدة في عيد الفطر أو الأضحى.
البلورية: تشبه الكنافة، لكن تُقطع على شكل مربعات وتُحشى بالفستق، وتُقدم باردة أو دافئة.
الآسية (وتُعرف أيضًا بالنمورة أو الهريسة): تصنع من السميد والسكر وجوز الهند، وتُزين أحيانًا باللوز أو الفستق.
الراحة الحلبية: نوع من الحلويات الجيلاتينية المصنوعة من السكر والنشا وماء الورد، وغالبًا ما تُغلّف بالنشا لمنع الالتصاق.
البقلاوة: وهي من أشهر الحلويات الشرقية، تُحشى بالفستق أو الجوز، وتُغمر بالسمن العربي والقطر، وتُخبز حتى تكتسب اللون الذهبي.
مكونات طبيعية ونكهات شرقية
تتميز الحلويات السورية باستخدام السمن البلدي، والمكسرات كالفستق الحلبي والجوز، وماء الزهر والورد، والقشطة الطازجة. هذا المزيج من المكونات يمنحها طعمًا فريدًا وغنىً يجعلها مفضلة لدى جميع الأذواق.
أهمية اجتماعية وثقافية
الحلويات في الثقافة السورية ليست مجرد طعام، بل هي وسيلة للتعبير عن الكرم والفرح والمحبة. فكل مناسبة سعيدة لا تكتمل بدون صينية من الكنافة أو المعمول، وكل زيارة ضيف تُختتم بتقديم قطعة حلوى مع فنجان قهوة مرّة.
في النهاية، يمكن القول إن الحلويات السورية ليست فقط طعامًا شهيًا بل هي إرث حضاري غني. ومن يتذوّقها يشعر وكأنه يتذوق قطعة من التاريخ، مطعّمة بحب السوريين ودفء قلوبهم. فهي ليست مجرد طعام، بل حكاية عشق تبدأ من المطبخ وتنتهي عند القلب، وتُقدَّم دائمًا في مناسبات الفرح، كالأعراس والأعياد والضيافات الخاصة.