الكسكس المغربي : تقليد أصيل يتجاوز حدود المذاق
الكسكس المغربي: تحفة تقليدية بأريج التاريخ والذوق
بقلم خبير في المطبخ المغربي
🏺 مقدمة تاريخية وثقافية
الكسكس، أو "كُسكس"، هو طبق مغربي أصيل يُعد الرمز الوطني للضيافة المغربية منذ قرون. انطلق من ثقافة الأمازيغ، ويُعد عيداً مذاقياً يُحتفى به كل يوم جمعة حين تجتمع العائلة حول مائدة موحدة .
وفي عام 2020، اعتُرف بصناعته واستهلاكه كتراث ثقافي لا مادي للإنسانية من قبل اليونسكو .
📋 المكونات الأساسية
أ- السميد (الكسكس):
دقيق قمح الصلب (سميد) يَطحن إلى حبيبات دقيقة.
تُبلل بالماء، تُدحرج باليد، وتُرش بالدقيق المجفف حتى تتقلّص وتصبح منفصلة وخفيفة .
ب- الخضروات واللحم:
لحم غنم أو دجاج أو لحم بقري (عادة عظم).
سبعة خضروات تقليدية: الجزر، اللفت، الكوسا، الباذنجان، البطاطس أو القرع، الملفوف والحمص .
توابل: زنجبيل، كركم، فلفل أسود، قليل من الزعفران، إمكانية إضافة رأس غليون (رأس الحليب) أو ras-el-hanout.
ج- طبق يقدم بجانبه:
طبق “التفـاية” وهو مزيج من البصل المكرمل، الزبيب، والسكر، يضفي نكهة حلوة متميزة .
---
🍲 طريقة التحضير خطوة بخطوة
1. تحضير لحم اليخنة
في قدر أو طنجرة الضغط، يُحمّص اللحم مع زيت الزيتون حتى يتحمّر من جميع الجوانب.
يُضاف إليه البصل المفروم، ثم يتم تتبيله بالتوابل (الزنجبيل، الكركم، الفلفل، الزعفران).
تُسكب الماء لتغطي المكونات، ويُضاف الحمص المنقوع، ثم تُترك ليغلي ببطء.
2. إدخال الخضروات تدريجيًا
بعد نضج اللحم جزئياً، تُضاف الخضروات القاسية أولًا مثل الجزر واللفت، ثم تلحقها الطرية مثل الكوسا والبطاطس.
يطهى المزيج حتى تصبح الخضروات طرية والمرق مشبع بالنكهات.
3. **تحضير الكسكس على البخار (couscoussier)**
يُوضع الكسكس في الجزء العلوي من الطنجرة ويُبخر فوق مرق اللحمة والخضار، عادة ثلاث مرات:
1. بخار أولي 15 دقيقة.
2. تهوية باليد، ترطيب، ثم بخار إضافي.
3. تكرار حتى يصبح منفوشاً وخفيفاً .
4. **التفـاية (اختياري لكن محبب):**
تُقلى شرائح البصل ويُضاف إليها الزبيب والسكر والقليل من القرفة حتى يكتسب مزيج ذهبيًا، ثم يُرش فوق الكسكس.
5. التقديم الاحتفالي
يُفرد الكسكس في طبق كبير، تُرتب فوقه الخضار واللحم بجمالية، ثم يُسكب المرق حوله، مع وضع التفـاية في المنتصف أو على جوانبه.
---
🧑🍳 نصائح خبيرة
الكمية: لـ4 أشخاص، يكفي 2 كوب كسكس مع 600–800 غ لحم وحوالي 1 كغ خضروات.
التوابل: زعفران بسيط يُرفع من غنى اللون والنكهة.
الطهو بالبخار: يكسب الكسكس خفة لا تُضاهى مقارنة بغلي الحبيبات في الماء.
تقديم اجتماعي: يُتناول بالأيدي يُفضّل اليد اليمنى، ويُساهم في جو المشاركة .
---
🌍 تجربة دولية وتنوع نكهات
أصناف نباتية: مع الحمص والزبيب واللوز المحمص .
الكسكس الحلو (Seffa): يقدم مع قرفة، زبيب، and dates—موظف في الاحتفالات .
كسكس الأسماك (تونس/المغرب الشرقي): يُطهى بأسلوب مشابه لكن مع الأسماك والكسكسي البحري .
---
✍️ خاتمة
الكسكس ليس مجرد طبق؛ هو احتفال عشائري، تقليد عميق الجذور، حكاية تنضح بالدفء الاجتماعي. سواء اخترته لوجبة جمعة عائلية أو تعلمته لتضيف لمكتبة مطبخك، فهو تجربة حياة بكل تفاصيلها: الطعم، الروائح، القِدر، والتجمع حوله. تجربة جديرة بأن تُسرد على صفحات كتب الطهو وفصول الضيافة.
